الطب في العصر الفرعوني: ممارسات وأسرار حضارة نهر النيل مقدمة حضارة مصر الفرعونية (حوالي 3100–30 ق.م) تعتبر من أقدم الحضارات الواعية بأهمية الطب. تألَّف الطب المصري من مزيج من الخبرة العملية والطقوس الروحانية، وجميل أن ندرك أن أطبائها أولوا اهتمامًا فائقًا بصحة الإنسان، جمعت بين التجربة والعلم والدين. --- 1. التعليم الطبي والكاتبين - كان التعليم الطبي يمر عبر مدرسة الكتايين (المكتبات) في معابد مثل تحتمس أو تحاي.- الأطباء كانوا يتعلمون على يَد كبار المعالجين، مع تدوين الوصفات والأعراض كنصوص مهمة.- أشهر ما وصلتنا من هذه النصوص: برديات *إدوين سميث* و*إبربس* و*كاهون*، تحوي أكثر من 200 وصفة طبية وتعليمات تشريح وتحضيرات عشبية. - تم تقسيم الأطباء إلى تخصصات: جراحين،
أدوات صحية مشرف بالكويت
أطباء عيون، نساء متخصصات في الولادة، معالجين بالأعشاب وغيرها. --- 2. التشريح والعمليات الجراحية - نفذ الأطباء عمليات التشريح رغم اعتراضات دينية، وخاصة على جثث الحيوانات لتعلم البنية الجسمانية.- أول من سجل عملية جراحية كان الطبيب *جمو من رع* في بردية *إدوين سميث*، وصف فيها فتحات جمجمة ومعالجة إصابات.- الجراحات كانت تشمل الخلع، الخياطة، علاج الجروح والكسور، وكانت النتائج باهرة بالنسبة لفترة ما قبل الميلاد. --- 3. تقديرات علمية في التشخيص- الطبيب المصري كان يعتمد على *ملاحظة دقيقة للأعراض*: انتفاخ، اللون، الانبعاثات.- في بردية *إبربس*، يصف تسلسل تشخيصي لكل علة، طوليًّا حسب مراحل تطوره.- كان الأطباء يتشاورون في الحالات الصعبة، وكان في معابد أحيانًا "قسم تشاور" مشابه للوحدة الاستشارية الحديثة. --- 4. العلاجات بالأعشاب والوصفات الطبيعية - الطب المصري اعتمد كثيرًا على الأعشاب والزيوت الطبيعية.- كان يستخدم: نبات *الزنجبيل* للغثيان، *الكركم* للالتهاب، *الحناء* لنزلات البرد.- وصفات: خليط من دقيق الشعير والنشا لعلاج الجروح، ودبس التمر كمضاد عدوى.- استخدمت الزيوت في التدليك وإعداده لعلاج آلام العظام والمفاصل.--- 5. الجانب الروحاني والعلاجات بالطقوس - كان الأطبّاء الفرعونيون مصرّين أن لكل مرض روح متسببة فيه.- مارسوا التعاويذ، الأذكار، والتمائم لضمان الشفاء.- ذكر مثلاً: وضع تمائم عند جانبي المريض أو تناوله شراب عباد الشمس كطريقة مكافحة للآفات.- المعابد كانت تستقبل المرضى للشفاء الروحي والبدني معًا، خاصة في معبدي *إدفو* و*إمليت*. --- 6. التوليد والنساء الطبيبات - الأزمنة القديمة شهدت عمليات ولادة آمنة نسبيًا في عهد بطبيبات متخصصات.- استخدمت المواسير التقويمية،
تركيب مرحاض افرنجي الكويت
التهوية الخاصة أثناء الولادة، والصلوات طالبة الحماية الإلهية.- انخفضت معدلات الوفاة النسائية الناتجة من المضاعفات بشكل ملحوظ، مما يدل على مهارة الأمّهات الطبيبات. ---7. التمريض والعناية بالمرضى- لم يكن هناك تسميات مثل “ممرضة” لكن كان يشرف على الرعاية أشخاص مدربون، أحيانًا نساء من الأسرة.- العناية شملت تغيير الضمادات، المناشف، التغذية بمشروبات وأطعمة مناسبة، والتركيز على الراحة.- سجلت بردية طبية تفصيلًا أوقات تقديم الطعام والدواء والراحة، مما يعكس التنظيم في الرعاية. --- 8. الأطباء في المجتمع والدعم الرسمي - كان الطبيب يتمتع بمكانة اجتماعية عالية، وغالبًا ما يحمل لقب *أبو كاه* أو *مولاي*.- الأطباء رُبّوا في معابد، وكانت لهم امتيازات مثل الثروات والغرف الخاصة.- لو تُوفي مريض في يده نتيجة خطأ، كان يتحمل المساءلة وربما العقاب—ما يدل على حس المسؤولية.--- 9. التراث الطبي الفرعوني وانتقاله للمدينة - ساهم المصريون بنشر الخبرات بعد احتلال مصر من قبل الهكسوس، وانتقال الإمبراطوريات للحكم.- وصل التراث الطبي الفرعوني للطب اليوناني، فوضع الأرشيدوكتر بطليموس قواعد مستعارة من خبرة الأطباء المصريين.- علاجات مثل ضمادات الأعشاب بقيت أساسية في الطب العالمي حتى القرن الميلادي الأول. --- 10. أبرز الاكتشافات: برديات يومية - *بردية إدوين سميث*:
تركيب مكينة الجورة بالكويت
أول وثيقة جراحية طبية بشرية، تضم علاج 48 إصابة.- *بردية إيبرس*: تضم أكثر من 800 وصفة تشمل علاج أمراض داخلية وما لها من أعراض.- *بردية كاهون*: نظام صحي متكامل مع تعليمات الطهارة والنظافة. --- خاتمةالطب الفرعوني كان ثورة في وقته: مزج بين التشريح، الاستكشاف العلمي، العلاجات بالأعشاب، والطقوس الروحية. قدم الطبيبات والأطباء حياة صحية ومستقبل أرقى للمجتمعات النيلية. اليوم، تراث تلك الحضارة ملهم لكل من يبحث عن أول خطوات الطب البشري، وأساس لفهم العلاقة بين الإنسان والصحة عبر العصور.