عصر *ما بعد محمد علي وحتى الاحتلال البريطاني عام 1882*، ويُعرف بعصر *أبناء محمد علي* أو *أواخر الأسرة العلوية قبل الاحتلال*: --- *مصر ما بعد محمد علي باشا (1848–1882): عصر التدهور التدريجي نحو الاحتلال* *مقدمة:* بعد وفاة محمد علي باشا عام 1849، تولى الحكم أبناؤه وأحفاده، الذين تنوعت سياساتهم بين محاولات الإصلاح والمحافظة، لكنهم واجهوا تحديات داخلية وخارجية عديدة. شهدت مصر في هذه الفترة تقلبات سياسية واقتصادية خطيرة، أدت في النهاية إلى الاحتلال البريطاني عام 1882. في هذا المقال نستعرض أبرز ملامح العصر التالي لمحمد علي، حتى لحظة دخول الاستعمار. ---*1. عباس حلمي الأول (1848–1854): العودة إلى المحافظة* عباس، حفيد محمد علي، تولى الحكم بعد فترة قصيرة من مرض جده، وكان مناهضًا للحداثة. أغلق العديد من المدارس والمصانع، وقلّص نفوذ البعثات التعليمية، ورفض إنشاء خط سكة حديد في البداية قبل أن يُجبر عليه. عُرف بالحذر من الأوروبيين، وحكمه شهد استقرارًا داخليًا محدودًا لكنه أضعف إرث محمد علي في التحديث. --- *2. سعيد باشا (1854–1863): محاولة للتجديد*سعيد، الابن الرابع لمحمد علي، أعاد فتح المدارس، وأبدى مرونة تجاه الأوروبيين، حيث منح *امتياز حفر قناة السويس* للفرنسي فرديناند دي لسبس عام 1854، وهو ما كان نقطة تحول في مستقبل مصر. أجرى بعض الإصلاحات في الزراعة والقضاء، وأسس محاكم مختلطة، لكنه أوقع مصر في ديون جديدة بسبب التوسع في مشاريع لم تكتمل. --- *3. إسماعيل باشا (1863–1879): "مصر الأوروبية" والديون الكارثية* إسماعيل، الذي لقب بـ"الخديوي"، كان أكثر حكام الأسرة العلوية طموحًا بعد محمد علي. تبنّى مشروع تحديث ضخم: - أنشأ *شبكة طرق وحديثة*.- بنى *دار الأوبرا*.- وسّع *التعليم* والمدارس.- دعم الفنون والبعثات العلمية.- نظّم *الاحتفال العالمي بافتتاح قناة السويس* عام 1869. لكن كل هذا جاء *بكلفة باهظة*، حيث اقترض من البنوك الأوروبية بكثافة، وبلغت ديون مصر نحو 100 مليون جنيه استرليني. ولتسديد الديون، باع حصة مصر في قناة السويس لبريطانيا عام 1875، مما زاد النفوذ الأجنبي وأدى لإنشاء "لجنة الديون".--- *4. بداية السيطرة الأوروبية: الرقابة المالية* بسبب تراكم الديون، فرضت بريطانيا وفرنسا رقابة مالية مباشرة على مصر عام 1876 من خلال "الثنائية المالية"،
تركيب رخام الكويت
حيث أصبح ممثلان أوروبيان يتحكمان في الإنفاق الحكومي، وهو ما أثار استياء شعبيًا واسعًا واعتُبر مساسًا بالسيادة الوطنية. --- *5. توفيق باشا (1879–1892): حكم تابع وتدهور سياسي*أُجبر إسماعيل على التنازل عن العرش في 1879 بأمر من السلطان العثماني بضغط أوروبي، وتولى ابنه توفيق الحكم. وكان خاضعًا للتوجيه البريطاني والفرنسي. في عهده: - ساءت الأوضاع الاقتصادية.- تفاقم الغضب الشعبي من التدخل الأجنبي.- تشكّلت *الحركة الوطنية* بقيادة أحمد عرابي، التي طالبت بالاستقلال والدستور والعدالة. --- *6. الثورة العرابية (1881–1882): صرخة وطنية* بدأت كحركة عسكرية احتجاجًا على التمييز ضد الضباط المصريين، ثم تطورت إلى حركة وطنية شاملة: - قادها *أحمد عرابي*، ورفع شعار "الله – الوطن – الملك".- طالبت بإصلاح الجيش والدستور وتحديد سلطة الخديوي. تمت مواجهة الثورة بالعنف، بدعم من القصر والإنجليز، وبلغت ذروتها بمواجهة *في معركة التل الكبير*. --- *7. الاحتلال البريطاني (1882): نهاية عصر وبداية استعمار* بعد هزيمة عرابي في التل الكبير، دخلت القوات البريطانية القاهرة، وبدأ *الاحتلال البريطاني لمصر* الذي استمر حتى 1952.
تركيب سيراميك الكويت
رغم أن مصر ظلت رسميًا تابعة للدولة العثمانية، إلا أن السيطرة الفعلية كانت للبريطانيين. --- *8. سمات العصر التالي لمحمد علي:* - *الاعتماد المفرط على أوروبا* في التمويل والإدارة.- *فقدان السيادة التدريجي* لصالح القوى الأجنبية.- *غياب مشاريع إنتاجية حقيقية* رغم بعض مظاهر التحديث.- *انفصال الحكم عن الشعب*، خاصة في عهد إسماعيل وتوفيق. --- *خاتمة:*العصر التالي لمحمد علي باشا، رغم بعض محاولات الإصلاح، شهد انهيارًا تدريجيًا لمشروع الدولة الحديثة الذي أسّسه. تغلغل النفوذ الأوروبي، وتراكمت الديون، وضعفت الإرادة السياسية، مما أدى إلى الاحتلال. لكن هذا العصر مثّل في الوقت نفسه بزوغ الوعي الوطني، وتبلور فكرة الاستقلال، وهو ما مهد لحركات التحرر في القرن العشرين.