اسباب بطانة الرحم المهاجرةتعد حالة بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis) من الأمراض النسائية الشائعة والمؤلمة التي تؤثر على ملايين النساء حول العالم. ورغم أن الأطباء والباحثين قد أحرزوا تقدمًا كبيرًا في فهمها، فإن الأسباب الدقيقة وراء تطورها لا تزال موضوعًا للبحث والنقاش. الأمر لا يتعلق بسبب واحد فقط، بل هو مزيج معقد من العوامل الوراثية والمناعية والهرمونية التي تتفاعل مع بعضها البعض.نظرية الدورة الشهرية المرتدة (الحيض الرجعي)تُعتبر هذه النظرية الأكثر قبولًا لتفسير ظهور بطانة الرحم المهاجرة. في الأحوال الطبيعية، تخرج أنسجة بطانة الرحم (Endometrium) مع دم الحيض من الجسم عبر المهبل. لكن، وفقًا لهذه النظرية، تعود بعض من هذه الأنسجة، لأسباب غير معروفة تمامًا، إلى الخلف عبر قنوات فالوب لتستقر على أعضاء أخرى في الحوض، مثل المبيضين والسطح الخارجي للرحم. هذه الأنسجة المرتدة تظل نشطة وتستجيب للتغيرات الهرمونية الشهرية، مما يؤدي إلى نموها ونزفها في كل دورة شهرية، مسببة التهابًا وألمًا.العوامل الوراثية والجيناتتلعب الجينات دورًا كبيرًا في زيادة احتمالية الإصابة بالمرض. أظهرت الدراسات أن النساء اللاتي لديهن قريبات من الدرجة الأولى (مثل الأم أو الأخت) مصابات ببطانة الرحم المهاجرة، يكنّ أكثر عرضة للإصابة بها. هذا لا يعني أن المرض وراثي بشكل مباشر، بل يعني أن هناك استعدادًا جينيًا قد يزيد من قابلية الجسم لتطوير الحالة.دور الجهاز المناعييُعتقد أن ضعف الجهاز المناعي أو وجود خلل به يمكن أن يكون سببًا رئيسيًا. في الوضع الطبيعي، يجب على الجهاز المناعي أن يتعرف على الخلايا الغريبة أو تلك الموجودة في مكان غير مألوف، مثل خلايا بطانة الرحم التي وصلت إلى الحوض، وأن يقوم بتدميرها. لكن، في حالات بطانة الرحم المهاجرة، قد يفشل الجهاز المناعي في القيام بهذه المهمة، مما يسمح لهذه الخلايا بالنمو والتكاثر.العوامل الهرمونية والبيئيةيعتمد نمو أنسجة بطانة الرحم المهاجرة بشكل كبير على هرمون الإستروجين. لذلك، فإن أي عوامل تزيد من مستويات هذا الهرمون في الجسم، أو تؤثر على حساسية الخلايا له، قد تزيد من خطر الإصابة. هناك أيضًا اعتقاد بأن بعض الملوثات البيئية قد تلعب دورًا في التأثير على النظام الهرموني والجهاز المناعي، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالمرض، ولكن هذا الجانب لا يزال قيد البحث المكثف.عوامل أخرى مساعدةبالإضافة إلى النظريات الرئيسية، هناك عوامل أخرى قد تساهم في تطور الحالة:
العمليات الجراحية: قد تساهم العمليات الجراحية في منطقة البطن أو الحوض، مثل الولادة القيصرية أو استئصال الرحم، في انتقال خلايا بطانة الرحم إلى أماكن أخرى.
النقل الليمفاوي والدموي: هناك نظرية أقل شيوعًا تشير إلى أن خلايا بطانة الرحم يمكن أن تنتقل عبر الأوعية الليمفاوية أو الدموية إلى أجزاء أخرى من الجسم.
الخلل في تحول الخلايا: قد تتحول بعض الخلايا الموجودة في البطن إلى خلايا تشبه خلايا بطانة الرحم، وهي عملية تُعرف بالتحول الخلوي.
في النهاية، لا يوجد سبب واحد محدد لبطانة الرحم المهاجرة، بل هي حالة متعددة العوامل. فهم هذه الأسباب المعقدة هو الخطوة الأولى نحو تطوير علاجات أكثر فعالية وتحديدًا للمرض.