عليك أبواب الألوف، حتى يأتي ذلك على الفرع والأصل ويطمس على العين والأثر، ويحتمل القليل والكثير. أي بنيّ! إنما صار تأويل الدرهم «دار الهم» ، وتأويل الدينار «يدني إلى النار» . إن الدرهم إذا خرج الى غير خلف، وإلى غير بدل، دار الهم على دانق مخرجه. وقيل: إن الدينار يدني إلى النار لأنه إذا أنفقه في غير خلف، وأخرج الى غير بدل، بقي مخفقا معدما، وفقيرا مبلطا «1» متحرّج المخارج. وتدعوه الضرورة الى المكاسب الرديئة والطعم الخبيثة. والخبيث من الكسب يسقط العدالة، ويذهب بالمروءة، ويوجب الحدّ، ويدخل النار» .
وهذا التأويل الذي تأوّله للدرهم والدينار ليس له، إنما هذا شيء كان يتكلم بعه عبد الأعلى القاصّ. فكان عبد الأعلى إذا قيل: «لم سمي الكلب قليطا»
» ؟ قال: لأنه «قلّ ولطى» . وإذا قيل له: لم سمّي الكلب سلوقيا؟ قال: لأنه «يستلّ ويلقي» . وإذا قيل له: لم سمّي العصفور عصفورا؟ قال: لأنه «عصى وفرّ» .
وعبد الأعلى هذا هو الذي كان يقول في قصصه: الفقير رداؤه علقة «3» ، ومرقته سلقة وجردقته فلقة، وسمكته شلقة «4» . في طيب له كثير.
وبعض المفسّرين يزعم أنّ نوحا النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما سمّي نوحا لأنه كان ينوح على نفسه. وأن آدم إنما سمّي آدم لأنه حذي «5» من أديم «6»الأرض وقالوا: كان لونه أدمة لون الأرض، وأن المسيح إنما سميّ المسيح لأنه مسح بدهن البركة. وقال بعضهم: لأنه كان لا يقيم في البلد الواحد، وكان كأنه ماسح يمسح الأرض.